الجمعة، 31 ديسمبر 2010

ببساطة .. أُحِبُك


هذه التدوينة مختلفة كلياً عن الأخريات .. 
إنها مكتوبة بعفوية وتلقائية .. تحررت فيها من أساليب البلاغة وتنميق المعاني التي في بعض الأحيان 
يُساء استخدامها فتحيد بالمعنى الحقيقي عن سبل ايصاله مباشرة إلى القارئ .. 
إنها من قلبي لقلوبكم الطاهرة .. 
وقد أُلهمت هذه التدوينة بعد قراءة عبارة على الفيس بوك .. كتبتها صديقة عزيزة على قلبي جداً تُدعى وسام 
وكانت العبارة كالتالي: سألـــوني لمـــا احببتـــه فقلـــت؟؟
احببــت عينيـــه ,, ثــم احببـــت طيبتــه ,, ثم احببــت حنانـــه ,, ثـــم احببــت صبــــــره علــــي ,, ثـــم سكــت ,,
 وقلـــت: أحببـــت نفســـي بـــه فكيـــف لا احبــه  هذا هو ... أدامك الله لي زوجي الغالي .. 


دمعت عيناي لمشاعرها الراقية واحساسيها الصادقة .. فرحت لهما لأن الله تعالى رزقها هذا الزوج الكريم .. 
ولأنه رزقه زوجة محبة و مخلصة كوسام .. وسألت الله أن يبارك حبهما ويجعله حباً أبدياً .. 

فردت عليّ بالتالي:
صدقيني الواحد اوقات بيخجل يحكي هيك على الملأ !! بعدين بقول لا خلينا نعبر بالحلال بكفي ان الكلام عن الحب ماليء النت والتلفزيون الا نتكلم عنه وهو بالحلال ؟؟ ما رأيك ؟؟  


وهذه التدوينة هي رأيي فيما قالته وسام .. ليس رأيي فقط 
بل قناعتي ومبدأ من مبادئي ..  
الحبّ أسمى مافي الوجود .. .. مبتدأ ديننا ومنتهاه .. مبعث الأفعال الجميلة والانجازات العظيمة ..
انه السعادة التي تشق كبد الظلام .. والأنس المشاكس لوحشة الأيام ..  


الحبّ إرادة الله تعالى وقدره الذي كتبه على القلوب .. أي شقاء نجرّه على أنفسنا بالهروب من القدر أو كتمانه؟؟ 


قال رينيه ديكارت: أنا أفكر إذن أنا موجود .. 
وأنا أقول: أنا أحب إذن أنا موجودة .. 
الحبّ حياة .. إذا انتفى الحبّ .. انتفت الحياة .. 
ولا يمكن فرض الحجاب على الحياة لتخفي جمالها وتبرجها أو ملامح بؤسها وشقائها .. وكذا الحبّ 
الحبّ هو الشئ الوحيد المتمرد على الصمت والكتمان والستر .. إنه يظهر في ابتسامة .. في لمعة عين .. 
 في دموع الاشتياق الحارقة التي لا تشبهها دموع .. إنه يظهر في سلوكنا .. الاهتمام .. العطاء .. المشاركة ..  
يظهر عندما نتفانا في عمل لا نرجو منه مقابل سوى رضا الحبيب.. لذلك غدى الحبّ من كمال الايمان .. 


كل مخلوق في هذا الكون منغمس في حبّ .. نراه واضحاً جلياً في سلوكه .. 
الفراشة بجمالها وأناقتها .. تقطع الأميال وتنزل بكل تواضع من ارتفاع عالي لتستقر على زهرة .. 
جالبة لها ما يحافظ على بقائها ويضمن لها الحياة .. لماذا؟؟ 
ببساطة .. لأن الفراشة تُحبّ الزهرة .. 


السحابة .. نحن نظن أنها تمطر لتسقي الأرض .. إنها في الحقيقة تمطر دموعاً لاشتياقها الى أصلها .. 
ولا تهدأ حتى تذوب في جوف بحر .. ونرى البحر يزمجر ويضطرب .. نظنه غاضباً .. ولكنه لذّة اللقاء الجامح بعد 
فراق أليم .. لماذا يتكبد البحر كل هذا العناء لأجل قطرة مطر .. ببساطة .. لأنه يحبها ..  


الأرض تأبى أن تدعنا نطير .. يطلقون على هذه الظاهرة الجاذبية الأرضية ولها تفسير علمي .. وعندي لها تفسير 
قلبيّ .. منها خُلقنا .. أي أن كل انسان منّا أرض صغيرة .. كيف للأم أن تدع أبنائها الصغار يهربون إلى حيث لا ماء ولا اكسجين .. كيف تدعهم يذهبون إلى الهلاك ..  لذلك تجذبنا اليها بقوة .. ببساطة لأنها تحبنا .. 


لماذا نخالف نواميس الكون ونكتم الحبّ في قلوبنا؟؟ 
إن كتمان الحبّ الحقيقي في قلوبنا .. والخجل من اظهاره والتعبير عنه أدى إلى فتح الباب للحب الزائف القائم على معادلة 
الأجساد والأغراض أن يظهر .. فأصبحنا نراه في مسلسل تركي أو عربي .. أو فلم هوليودي أو بوليودي 
حينما حرمنا من نُحبّ من حبنا الحقيقي .. أرديناهم بأيدينا إلى أحضان الحبّ الزائف .. 


دعونا نعبّر عن هذه العاطفة المقدّسة .. 
نكتبها .. نرسمها .. نتغنى بها .. 


ماذا لو عبّرت عن حبك و طبعت قبلة صادقة على جبين والدتك ؟ 
ماذا لو ارتميت في حضن والدك ورويت عطش قلبك من نهر حبه؟؟ 
إنني لم أجد أدفى ولا أجمل ولا أعمق في التعبير عن الحب من ضمّة أبّ .. 
ماذا لو حملت في يدك سلة من ورود وطفت بها بين اخوتك .. تعطي كل واحد منهم قبلة ووردة؟  
ماذا لو بعثت إلى صديقك رسالة تقول له فيها: لا حرمني الله منك يا صديق روحي؟  
ماذا لو اقتربت من حبيبك وقلت له .. ببساطة أُحبك ؟؟  




إلى كلّ الباحثين عن التغيير .. عن حلم التقدم والنهضة .. 
إلى كلّ المشتكين من قسوة الأيام وجفائها .. 
إلى كل المتأملين في النجاة بالدنيا والآخرة .. 
ستجدون ضالتكم في الحبّ .. اعتقاداً وتطبيقاً .. 
كل معضلات الحياة تُحلّ بالحبّ .. ولا شئ غير الحبّ .. 


أُحبكم جميعاً :) .. 



الأحد، 19 ديسمبر 2010

حالم



خالد، طفل بين خمسة عشرة من الاخوة، من المفترض أن يكون آخر العنقود المدلل، ولكنه حمل طوال حياته لقب "الغلطة"، كان ينام فوق السطح، مُتلحفاً بالسماء، مفترشاً الحصيف، ذات يوم لمح في الأفق البعيد نجماً برّاقاً، حلم بأن يمسه بيديه، يلبسه تاجاً، أو ياكله في بطنه ليُشع نوراً، ظل ذاك الحلم يراود الطفل حتى اصبح شاب يافع، قرر أن يخبر الجميع بحلمه.  

 اليوم الأول: بلّغ أمه بأنه يريد أن يصبح رائد فضاء، يريد تقبيل أعتاب السماء التي احتضنته واحتضنها طويلاً، فقالت له:" بالله عليك لا تضيّع وقتي بهذيانك، نحن ما تحضنّا إلا قبورنا"، غصّ خالد بحديثها وانصرف.
 اليوم الثاني: اخبر والده بحلمه، نظر والده بشزر ثم قال:" نحن مانوسّخ السماء بأغلاطنا، ترا مانت صاير غير رائد مركبة تاكسي"، ذُرِفت دمعة من احدى عيني خالد وانصرف.
 اليوم الثالث: حكى خالد لمعلمه عن حلمه الأزلي، فقال له:"رائد فضاء وفي بلادنا! لو انك في امريكا كان ابرك، روح الله يهديك روح"، ذرفت عينه الثانية دمعة.
 اليوم الرابع: اجتمع مع اصدقائه على قارعة الطريق وحكى لهم عن ما تبقى من حلمه فقال أحدهم" نحن ما حوتنا أرض، تبي تحوينا سما؟ خذ واشربلك هذه السجارة تعدّل مزاجك"، تناول خالد السيجارة حابساً دموعه في عينيه ليحافظ على رجولته امام اصدقائه، عاد الى منزله يتطوّح من تأثيرها، وجد والده في انتظاره، انهال عليه ضربا قائل:"هذه تربيتي!"، ردّ خالد " إنت ما ربيتي،انا رباني الخواء"، فما كان من والده إلا طرده من المنزل.
اليوم الخامس: خالد نائم في مدخل ازقة، استيقظ على صوت يناديه: من انت يا بُني ومالذي اتى بك هنا، أنا خالد، أتيت هنا لان والدي طردني، ولماذا طردك، تخيل! لأنني حلمت أن اكون رائد فضاء، سأحقق لك حلمك، أتسخر مني؟، أقسم بمن خلق الفضاء بأنني لا اسخر، تعال معي لأعرفك على بعض الأصدقاء، دخلوا على مجلس مكتظ بالرجال، فأخذ الرجل يُعرّف بخالد: هذا خالد ابن الوليد،حلمه ان يصعد الفضاء، قال أحدهم: حيالله خالد ابن الوليد، تبدوا على وجهك علامات الذكاء والفطنة، سنرسلك إلى أعلى من الفضاء وسنزوجك وسنضمن لك نعيماً دائم لا ينقطع، تهلل وجه خالد، فقال الرجل: موعد التدريب غداً.
اليوم السادس: بدأ التدريب على الاقلاع، بأن يربط في خصره حزام ويُحلّق بيديه عالياً قائل: الله أكبر ها انا أتحرر.
اليوم السابع: وقف في الميدان ليشهد على تحقيق حلمه الانام، كبس الزرّ، طار في الهواء ولكنه أشلاء، انساب على الأرض ما تبقى من دموعه الحمراء.
نظر مدربه بحنق ثم قال: رحمه الله لم يصيب الهدف، كنت انوي الخلاص من عدوّ الله ذاك الشرطي العميل، لكن يبدوا أن الفتاتين والشاب كانوا على علاقة مشبوهة فأراد الله للفساد ان ينتهي على ايدينا!!  

مرحباً بمستخدمي Internet Explorer

مستخدمي Internet Explorer  

تم اصلاح الخلل .. ويمكنكم تصفح المدونة بوضوح وجودة عالية 
مرحباً بكم وبجميع القراء  
شكراً على اخطاري بالمشكلة  
وشكراً لمن سأل عن القصة الثالثة وطلب مني 
نشرها هنا .. 
اعتذر عن التأخير ولكن اصلاح الخلل أخذ الأولوية 
ستتبع هذه التدوينة القصة الثالثة ان شاء الله 
اتمنى لكم قراءة ممتعة :)

الأحد، 12 ديسمبر 2010

مشكلة Internet Explorer

أعزّائي قراء المدونة

وصلتني شكوى حول عدم ظهور النص ( في قصتي : بلدة عمر و ميلاد موت) كاملاً
في الصفحة .. حيث يختفي طرفه الأيمن في حاشية الصفحة اليمنى
مما يؤدي الى عدم ظهور بعض الكلمات ..
اعتذر عن هذا الخطأ الفني .. هذا الخطأ يظهر فقط على متصفح
Internet Explorer 

 

وقد جربت أكثر من متصفح غير السابق ( مثل: Google Chrome, Opera, Mozilla Firefox)
   ولم تظهر المشكلة والحمد لله 
تابعوا المدونة على احدى المتصفحات السابقة مؤقتاً وسيتم اصلاح الخلل قريباً جداً ان شاء الله 

اعتذر منكم مرة أخرى .. وشكراً لكم :)


الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

ميلادُ موت

 
هو اعتاد القراءة كلّ صباح على ضفاف نهرْ، هي بحثت عن مكان هادئ ليُلهِم صباحاتها فاختارت ضفاف نهرْ.


اليوم الأول، هو يجلس على طرف كرسيّ خشبي طويل، هي تجلسُ على الطرف الآخر لنفس الكرسيّ، هو منغمس جداً في القراءة، هي منغمسةٌ جداً في التأمل، هو لم يلاحظ وجودها إلاّ عندما سمع ضحكتها لمّا طارت احدى الورود المتناثرة على وجنتيها، هي لم تلحظ وجوده إلاّ عندما ابتسم لوجودها، اطرق رأسه على كتابه مرة أخرى، أطرقت رأسها خجلاً.


اليوم الثاني، هي جلست على طرف الكرسي في نفس مكانها بالأمس وبدأت التأمل، هو جلس على الطرف الآخر كعادته بعد أن ألقى التحيّة، هي: اختلست النظر اليه، اممم يبدوا أنه شاعر أو موسيقار فحركات رأسه تدُل على ذلك، هو نظر اليها وابتسم لنظرتها، هي اشاحت بوجهها خجلاً، هو: تبدوا رقيقة،هي: نظرته حادّة متوقدّة بالذكاء، هو: ملابسها مزيج من الألوان يبدوا انها فنانة تستجدي الالهام على ضفاف نهر،أُحِبُّ المرأة الرقيقة الفنانة، تُجدد القلب وتبعث في أركانه الحياة، هي:أخشى الرجُل الوسيم الذكي مُرهف الحسّ، يأسر القلب ويسلبه الإرادة، هي وهو:غاصا في صمت ثم انصرفا.


اليوم الثالث، هو اتى مبكراً وجلس يرقّبُ وصولها، هي وصلت بعده فالقتِ التحيّة، هو: منذ متى وانتِ تأتين إلى هنا، هي: منذ يومين فقط،وانت؟، هو: منذُ شهر وابتسم،هي: ابتسامته تسرق كلامي وتُلجم لساني، هو:هل أنتِ فنانة؟، هي:كلّ امرأةة فنانة وابتسمت بخبث، هو: وماهو فنُّنكِ أنتِ؟، هي: أرسُمُ الأحرف في كلمات وأنسج من الكلمات معاني، هو: اعتقدت أن المعنى يخلق الكلمة، هي: نعم،ولكّني بالتأمل أصنع العكس، هو: هلّ لي بمثال؟، هي:"الشمس،الإشراق" تلك كلمتان، سأصنع منهما معنى فأقول: لا تُشرق شمسي إلاّ برؤية مُحيّاك، هو: ضحك بصوت مرتفع، تقصدينني؟، هي: لا ذاك مثال فقط، في غمرات الصمت حدّثا نفسيهما، هي: ما أمكر الرجال، هو: ما أفضح أمر النساء، هي:همّت بالمغادرة، هو:مهلاً خذي هذه الورقة وأقرئيها، انتظر منكِ الرد غداً، هي:اخذتها ولم تطق صبراً حتى فتحتها بعد الابتعاد عنه بخطوات قليلة، قرأت:"شعرتُ برعشة في أطرافي مع أول ابتسامة لكِ،خذيني كلمة واصنعي بي معنى"،فرحت جداً وأخذت تعدوا، تُسابق الزمن إلى غداً.


اليوم الرابع،هي:أتت قبل موعدها وجلست في منتصف الكرسي تنتظره، سأخبره أنه معنى لا يُمثل بكلمات، وأنني سأضطرُّ للرحيل بعد ساعة إلى مدينة اخرى لوظيفة تقلّدتها، وأعلم أن لا مسافة تُفرّق بين قلبين إن أرادا الوصال، انتظرته ولم يحضر، بّكت ثم ابتسمت وحفرت على الكرسي قلب وكتبت تحته:"هنا وُلدت"، حملت في قلبها حبه على يقين لقياه يوماً ما ورحلت، هو: وصل بعد رحيلها بدقائق، بحث عنها ولم يجدها، جلس على منتصف الكرسي وأخذ يُتمتم: والله ما أخرني إلاّ الزحام، أُتراها انتظرتني حتى ملّت ثم انصرفت، أم أنها لم ترضَ بي حبيب! انتظر طويلا ثم رحل.


اليوم الخامس،هو: وصل،انتظر،رحل.


اليوم السادس،هو: وصل،انتظر،رحل.


اليوم السابع،هو: وصل، لاحظ القلب المحفور على الكرسي وما كُتبت تحته، حفّر سهماً اخترقه وكتب "هنا مُتّ"، رفع رأسه للسماء، الهي أحيِني!!


الاثنين، 6 ديسمبر 2010

بلدة عمر

اليوم الأول:أمسك عُمر بالقلم وبدأ يخطّ رسالته"أمي حبيبتي، أعلمُ بأن فراقي سبب أحزاناً كثيرة ولكنها الحياة، حيثما أجدُ ذاتي سأكون حتى اجعلك تتلألئين فخراً بي، اشعر بان البلدة الجديدة جميلة ومناسبة، سأحدثك عنها في الرسالة القادمة، احرصي على سلامتك،ابنك:عمر"، ثم أمسك بالرسالة ووضعها في الصندوق.



اليوم الثاني:كتب عمر"صباح الخير على أجمل عينين، أشعر وكأن الأرض تتراقص فرحاً لفرحتي، وكأنني نسرٌ أحلق في الفضاء، تم تعيني اليوم في شركة كبيرة تخُص مجال دراستي، اخيراً سأجد فرصة لتحقيق أحلامي، الجميل أنهم يؤمنون بي، يقولون انهم يؤمنون بالحديد فكيف بالإنسان،ولقد وفّروا لي سكناً راقياً، كم أنا محظوظ يا أمي،قبّلي يديكِ عني، ابنك:عمر".


اليوم الثالث:بغبطة امسك قلمه وبدأ"لن تصدقي ما سأخبرك به يا أمي، في غضون شهر واحد تمت ترقيتي إلى مدير فرع، قلت لهم أنني صغير في العمر، فقالوا:ولكنك كبير في الكفاءة، آه كم أغبط نفسي على هذا البلد يا أمي وكم أحزن على خسارة بلدي، ابنك:عمر".


اليوم الرابع:وهو يتمتم أغنياته الخاصة كتب"عمر في بلاد العجائب، لا تتعجبي يا أمي ولا تضحكي اشعر انني في بلاد العجائب، أُعجبت بإحدى العاملات تحت ادارتي،صارحتها باعجابي فقالت:إن أردت التسلية فقد اخطات الاختيار، وإن أردت الزواج فصارح والدي باعجابك، صدمتني تلك الفتاة يا أمي، كم تمنيت شريكة ناضجة وناجحة وعفيفة وقد وجدتها، ذهبت إلى والدها وانا على يقين بالرفض، ولكنه الآخر فاجأني،قال:سأسأل عن دينك وخلقك أولاً، قلت وكم هي حدود مهوركم، قال:ليست ابنتنا اغلى من بناترسول الله، فقد كن اكثر النساء بركة وايسرهن مؤونة، لذلك لا تقلق ثم ابتسم، اليست هذه بلاد العجائب يا امي، كم هي بالية عادات القوم في بلدي، سلميلي على العائلات اللاتي رفضن تزويجي وقولي لهن أن عُمر ذو الدين والخلق قد وجد حوريته، هنيئا لكم بعمر آخر ذو مال ونسب ولتترب أيديكم".


اليوم الخامس:كتب"صباح الخيرعلى قلبك الطاهر، لن ارسل لكِ غداً لأنني مشغول باعادة بناء جزء من الصورة المستقبلية للبلد، نسيت ان اخبرك بأن هذه البلد تصدر في كل خمس سنوات صورة مستقبلية مدعومة بخطط استراتيجية ليعلم الناس الوجهة ويتبنون الحلم، انهم يحترمون الانسان يا أمي، يجب عليّ احترامهم والمساهمة في انجاح خططهم وسأرسل غداً برؤيتي للملك حسن، عمر".


- تفضل، هذه رسالة عمر الأخيرة.


- كم يستهويني عمر.


- يستهويك لأنه نصبَك ملك؟ د.حسن لا تنسى أنه مريضك، أشعر بأنك تتهاون في علاجه.


- اخبريني يا سعاد، كيف لأجنّ العاقلين أن يعالج أعقل المجانين!!


إن علاجه جريمة"تحويل عاقل الى مجنون"!


اليوم السادس:سعاد، اعطي هذه الرسالة لعمر، الرسالة"تسعدني مقابلتك غداً في الساعة السادسة مساءاً لمناقشة رؤيتك، الملك حسن".


اليوم السابع:اجتمع عمر والملك حسن وتناقشا حول الرؤية ثم انصرفا الى سريرين أبيضين متباعدين ليكتب
حسن إلى الرعية وعمر الى والدته!!




السبت، 4 ديسمبر 2010

مشاركتي في مسابقة القصة المنبرية


كنت في زيارة قصيرة الى الرياض الحبيبة للمشاركة في مسابقة القصة القصيرة المنبرية 
التي اقامها النادي الأدبي في الرياض  برئاسة د.عبد الله الوشمي ..  
د.عبد الله الوشمي 

هذه المرة الاولى التي أشارك فيها بفعالية أدبية .. 
والمرة الأولى التي يكتب فيها قلمي قصة قصيرة .. 
اعتدت كتابة الخاطرة، المقال، مواضيع .. ولم اكتب قصة قصيرة من قبل على الاطلاق. 
تحمست للفكرة وكانت مليئة بالتحديات التي كان ابرزها تقييد النص بـ 350 كلمة فقط كحدّ أقصى   
اتعبتني هذه النقطة لأن الاسهاب من عادتي .. ولكنني اعتبرتها تحدي واجتزتة الحمد لله .. 
 مسموح للقاصّ أن يتقدم بنص الى ثلاث نصوص فقط.. كتبت الثلاث نصوص في خلال اسبوع وارسلتها اليهم .. 
وكانت تحمل العناوين التالية : حالم - ميلاد موت - بلدة عمر
سأضعها في المدونة ان شاء الله بعد هذه التدوينة .. 

الجميل في الموضوع والذي اعتبره نقطة تشريف وتكريم أنه تم اختياري مع 39 من القاصين لحضور الفعالية 
والقاء النصوص من اصل 145 متقدم للمشاركة .. اختياري يعني الكثير لي كمبدئة .. 


انطلقت الفعالية في يوم الاثنين 23 من شهر ذي الحجة الساعة 7 ونصف مساءاً .. 
اعجبني التنظيم والترتيب كثيراً .. اعجبتني الوجوه النسائية البشوشة التي استقبلتنا مرحبة ومهللة وناصحة .. 
لم اتشرف بمعرفة اسمائهن ولكنهن كن من المنظمات ..  
قدمت يوم الاثنين لاطلب منهم القاء قصتي في يوم الثلاثاء .. ولكن تفاجات بأنه يتحتم عليّ الالقاء بعد دقائق معدودة .. 
استعنت بالله .. دخلت القاعة استمع الى الافتتاح وكلمة د.عبد الله الوشمي .. 
كان ترتيبي السادس بين القاصين .. 
انتظرت بقليل من التوتر .. معتادة على الالقاء في المحافل فذلك لا يوترني .. ولكنني كنت متوترة من تقييم الأساتذة لنصّي ..   
شملت لجنة التحكيم: د.ليلى الاحيديب، د.محمد القاضي، أ.عبد الحفيظ الشمري   

في البداية .. كانت آرائهم صريحة وقاسية بعض الشئ .. مما زاد توتري .. 
حان دوري .. قمت من مقدي .. وجهت وجهي صوب النساء الحاضرات وبدأت بإلقاء التحية .. 
كانت تحية مختلفة جداً .. الساعة الثامنة وعشرون دقيقة مساءاً .. وانا قلت لهم " اسعد الله صباحكم !! " 
فتعالت الاصوات .. مساؤكم مساؤكم .. قلت: عذراً مسائكم .. ضحكت وكتمت باقي الضحكات لتعليقات اخي المتوقعة .. 
اكملت .. وقرأت نص " بلدة عمر " .. صفق الحضور بعد انتهائي .. وجدت ابتسامة رضا على محيّاهم .. بعض الحاضرات 
ابدين اعجابهمن بالنص من ضمنهن مختصات وعضوات بالنادي الادبي ..  
اعطى د.محمد القاضي رأيه وبدأه بقول : القصة جميلة جداً، ثم اكمل جولته في نواحي القصة مستعرضاً طريقة بنائها  
وما الى ذلك .. اسعدني رأيه كثيراً. 
أ.عبد الحفيظ .. رفض التعليق .. واخبرني بأنه سيحتفظ برأيه حتى اعلان النتائج. 
د.ليلى الأحيدب نسي أن يسألها المحاور عن رايها .. 


جلست بعدها لأستمع الى باقي النصوص .. ثم انصرفت وكلي سعادة بهذه التجربة .. 
وانني على يقيت تام .. بانني ربحت كثيراً في هذه الفعالية حتى وان لم يعلن اسمي ضمن الفائزين .. 


احببت ان اشارككم هذه التجربة .. وانتظروا القصص قريباً ان شاء الله .. :)

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

كأس من الخذلان !!


كنت أنوي كتابة تدوينة بشأن زيارتي المهمة للرياض .. ولكن حدث استضافة قطر لمونديال 2010 استوقفني .. 
قبل يومين كنت أقرا مع اخي في الجريدة عن موعد اعلان النتائج .. وكنا ندعي بقوة ان تفوز قطر 
وخشينا من خذلان الفيفا للدول العربية .. وما ان وصلنا خبر فوزها حتى هللنا وباركنا لبعضنا واستبشرنا 
بمستقبل مشرق لقطر ..  
وعندما وصلت الى مكة .. اردت ان ارى عرض قطر ولحظة اعلان النتيجة .. انصدمت بالبرومو القطري 
Middle East !! 
Israel !! 
 Peace !! 
الفيديو صريح جداً .. انه يدعوا الى شرق اوسط جديد مرحباً بالصهاينة مؤكداً على اهمية السلام معهم !! 
لم اصدق عيني في البداية .. اعدت المقطع مراراً وتكراراً .. وفي كل مرة تتأكد الرسالة القطرية !!  
هكذا .. وبكل سهولة تسقط القضية الفلسطينية من حسابات الحكومة القطرية !! 
يريدون الجيل القادم ان ينعم بسلام ويلعب كرة مع الصهاينة .. اليس في جيلنا الحالي ومن سبقنا .. ومن سبق من سبقنا .. من حاول 
احلال السلام .. فدخل في مباراة كرة قدم امام الفريق الصهيوني .. وكان الحكم امريكي .. والكرة صناعة بريطانية .. والملعب اراضي هيئة الأمم ونال هزيمة مخزية مؤلمة .. ألا نعتبر!!  

يا جماعة .. كفانا " هبل " وسخف وغباء .. من قال ان كرة قدم توحد العالم ما هو إلا احمق متحاذق استُعمل 
كطعم لتحقيق مآرب اخرى ..  


عيبٌ والله أن تباع المبادئ على العلن .. والعيب الأكبر أن نصفق ونهلل ونقول نعم نريد احلال السلام ..  
 انا مخنوقة بمرارة الخذلان حدّ البكاء .. 


لا سلام مع أعداء الله .. لا سلام مع الغاصب المحتل .. لا سلام مع العملاء

ومما يزيد الطين بلّة .. أن مصراً أرسلت دعماً لاخماد الحراق التي شبّت في حيفا !! 
ماهذه الكمية من الخذلان التي نتجرعها كلّ صباح .. لا نامت أعين الجبناء .. 


اعلم ان كلامي سيزعج الكثير .. وفي مثل هذه الأمور ارفض النقاش .. 
لا مجال لمناقشة الأمور العقائدية والمبادئ الثابتة .. لذلك سأغلق مجال التعليق 
دكتاتورية .. نعم انا هكذا إذا كان الأمر يخص الكرامة والعزة .. 


قطر  ومصر.. احبكما .. واحب اهلكما .. ولكن حكوماتكما خذلتنا !!

الجمعة، 26 نوفمبر 2010

الرياض .. كلاكيت تاني مرة


" الرياض .. مو حلوة واهلها فيهم تعصب وفيهم وفيهم انصحك لا تروحيها"..
ترددت هذه العبارة في " وجهي " كثيراً طوال عمري فتمنيت من قلبي أن لا أزور الرياض أبداً، لست اكرهها ولا أحبها، ولكنه انطباع ظلّ راسخ في ذهني .. وما كل ما يتمنى المرء يدركه!!
اضطررت إلى زيارة الرياض -لأول مرة- في شهر مارس من اجل مؤتمر وفعالية اخرى، تحمست لتلك الزيارة لأنني سألتقي
مع صديقتي المقربة جداً وخالي الذي اشتقتُ اليه كثيراً، وبعد برهة قلّ حماسي، لماذا .. لأنها الرياض!! 
جهزت حقيبة سفري وكنت برفقة اختي، ذهبنا الى المطار مع والدتي واختي الصغرى، وتلك أولى سفراتنا التي ودّعنا فيها الوالدة حفظها الله واهلنا وانطلقنا دونهم، وصلنا متأخرين عن موعد الوصول المحدد، أُجبرت على حمل حقيبة الملابس في يدي وصعدت بها إلى الباص المقيت المتحرك، ظلت الحقيبة تترنح معي حتى وصلنا إلى الطائرة، وهنا كانت المأساة، حيث أنني حملتها وصعدت بها سلالم الطائرة الطويلة المملة حتى أوشك نفسي على الانقطاع، دخلت بها الطائرة ووقفت عند مقعدي انظر حولي وأقول في نفسي: هل من مساعد على رفع هذه المصيبة داخل الخزائن العلوية؟، يبدوا أن جميع الركاب قالوا في نفسهم:لا، التقطت انفاسي وقلت - الله لا يحوجني لأحد - وقذفتها داخل الخزانة كلاعب بارع قذف الكرة في السلة، بعدها جلست على المقعد وقلت ببؤس: أهلا بالرياض !! 

وصلت الى مطار الملك خالد، استقبلنا اخي وخرجنا من المطار بسلام، ركبت في السيارة محدقة في الشوارع والأشخاص، لا يوجد شئ غريب في هذه المدينة يُبرر احساسي السئ تجاهها، سأبتسم للرياض لتبتسم لي، ومنذ متى أتأثر بـ"كلام الناس"، لا تؤثر بي إلا مبادئي، ومبادئي تُحتّم عليّ اعطاء فرصة للرياض لتُدرج في قائمة " أحبائي" .. بهذا خاطبت نفسي، ولكنني مازلت قلقة تجاه تعصب أهلها وتعاليهم، إنني أكرة التعصب جداً، نتنٌ وقذر، أكرهه بكل مستوياته على صعيد الدولة الواحدة أو الأمة بأكملها، وإن قابلت أحد المتعصبين سأغلق أذني عن "نتانته" وأرتقي بمبادئي عن الردّ، نعم .. هذا ما سأفعل! 

وهنا أتحدث بأمانة، بأنني خالطت أهل الرياض في المؤتمر و في الأماكن العامة وفي فعاليات مختلفة فلم أجد منهم أي اسائه، بالرغم من لهجتي الحجازية الواضحة جداً وطريقة حجابي المختلفة عن حجاب نساء الرياض إلاّ أنني لم أجد مضايقة على الاطلاق.
ومن أجمل ما حدث في هذا الموضوع، أننا ذهبنا إلى " الرياض جاليري" فجلسنا في احدى المقاهي، واعجبنا ما قدموه لنا.
منظر من داخل الرياض جاليري .. جلسنا تقريبا هنا

قُبيل انصرافنا توجهنا الى المسؤول - سعودي من اهل الرياض- في المقهى وسألناه ان كان لهم فرع في الحجاز، اجاب بالنفي و كان لطيف جداً لدرجة انه قدم لنا قطعة كعك هدية لأننا "ضيوفهم" وقليل من أجود انواع البن لديهم، وحينما اردنا دفع المال مقابل البن رفض، وقال انه تعبير عن حبه وتقديره لأهل الحجاز، يا الهي .. كم اثّر في قلبي موقف هذا الرجل، ليس كل ما يُقال صحيح وليس كل مانراه صحيح أيضاً، هذا الرجل من أهل الرياض .. ويحترمنا ويقدرنا .. من يريد السوء لهذا البلد بتفكيك وحدة ابنائه؟؟
ان كانوا ابناء الوطن فهم اغبى من ذلك لأننا سنتصدى لـ " نتانتهم" بطيب نفوسنا ومحبتنا، وإن كانوا من خارج الوطن فلا يحيق المكر السيئ إلى بأهله. 

أشعر دائما برعاية ربي، وانه دائما بكرمه يعلمني ما جهلت، وأفتش عن رسائله لي في كل حدث، دقّ أو جلّ، وها أنا أقرئ رسالته واضحة جلّية في رحلتي هذه، لا للحكم المسبق، حسن الظن والمحبة هما الأساس. 

قضيت في الرياض أيام جميلة جداً برفقة أختي وصديقتي وأخي، ما كنا نذهب إلى المنزل إلاّ قليلاً للجلوس مع خالي، ومن اطرف المواقف، أن اخي قابل للضياع في شوارع الرياض، وكان يُحدد وجهته بناء على موقع برجي الفيصلة والمملكة، في احدى " مشاويرنا" ضللنا الطريق، وغاب عن ناظريه البرجان، اتصل خالي وكأنه يشعر بأمرنا، فأخبرناه أننا على ما يرام وما كنا ندري أننا في طريق الدمام !!
تركت أخي مع أختي يبحثون عن مخرج وسبيل للعودة إلى " الفيصلية والمملكة" وانا استلقيتُ في المقاعد الخلفية أرتاح تارة و أغني تارة و" أطقطق " على رأس أخي تارة أخرى .. حتى عدنا ادراجنا بعد اكثر من ساعة ونصف!!

موقف طريف آخر تعرضنا له بعد خروجنا من معرض الكتاب الذي قضينا فيه مايقارب اربع ساعات، كان اخي الحبيب منهك جداً فحمل الكتب الكثيرة على ظهره وتقدمنا مع اختي، وكنت وصديقتي في الخلف، صديقتي تكشف عن وجهها، فأقترب منا أحد " المطاوعة" ونظر إلى الأعلى فوجد وجه صديقتي فقال " تغطية الوجه واجبة " ثم اشاح بنظره إلى الأسفل ليجد بنطالي الذي انكشف عنه طرف العباءة السفلي فقال" ولبس البنطال محرم" .. لم اتمالك نفسي .. انفجرت ضاحكة .. ما بين فتوى وفتوى أقل من ربع دقيقة، قلنا له جزاك الله خيراً وانصرفنا .. الموقف ليس فكاهي .. ولكن في وقته كان فكاهياً جداً !! 

الرياض جميلة ومتقدمة مقارنة بمدن عربية كثيرة، أحببتها بحسنها وعيوبها، ولكنني أستنكرت البرود فيها .. لا أشعر أن فيها روح تحركها .. لا اعلم لماذا؟؟ 


بعد يومين سأزور الرياض مجدداً لأيام قلائل، ولكن هذه المرة سأنثر على الرياض عبق محبتي فور وصولي، سأجدد عهدي الجميل بها، سأستمتع بكل لحظة معها وأدون تفاصيلي الدقيقة في ارجائها، سأبتسم للرياض واهلها الطيبون من قبل وصولي اليها بيوم .. :)

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

إدراكٌ متأخر



في طفولتي .. كنت أشعر وأنني أميرة في البلاد.. الشمس تبتسم لي كلّ صباح ولا تشرق إلاّ عندما استيقظ أنا ..
والقمر بعيدً جداً لأنه يخشى المقارنة .. والبحر لا يهمس بأسراره إلاّ لي .. 
ولا يرسل أمواجه لتداعب قدماً إلاّ قدمي .. 
كنت أشعر وكأن الكون مخلوق لأجلي..!!
عندما فارقتي الطفولة .. أدركت أنني أميرة نفسي فقط..  
وأن الشمس لا تعرف الابتسام فما هي إلاّ كتلة من حميم ..
وأن القمر بعيداً جداً ليخفي وجهه القبيح المستور بقطعة نور .. 
وأني لا اهمس أسراري إلاّ للبحر .. 
بِتُّ أشعر أنني مخلوقة لأجل هذا الكون .. !!      

بعضُ الإدراكِ مؤلم .. و مؤلمٌ جداً إذا تأخر .. 


الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

أهل مكة والحج

لم أكن انوي كتابة هذه التدوينة، ولكن لأيّام الحج طعم مختلف ونهكة خاصة، هيّجت في داخلي ذكريات ومعاني اختص بها أهل مكة. 

أكاد أجزم بأن حال المسلمين خارج مكة في شهر الحج يتراوح بين مشتاق أضناه الحنين إلى الحج، وبين متأهبٌ للسفر لأداء الفريضة، وبين موصي بالدعاء متابع لأيّام الحج عبر شاشات التلفاز، وبين لا هٍ منشغل بالتبضُّعِ لعيد الأضحى، ولكن ما حالُ أهل مكة في هذه الأيام؟؟ ذاك ما سأتطرق اليه في هذه التدوينة ان شاء الله.

في مثل هذه الأيام المباركة تزدحم مكة ازدحاماً شديداً، فالمسافة التي اعتدنا ان نقطعها في 10 دقائق، نقطعها في هذه الأيام في ساعة أو أكثر، بعض الأماكن لا يمكن زيارتها أبداً من شدّة الزحام ووجود الباصات التي تُغلق الشوارع، فنضطر إلى المكوث في بيوتنا ولا نغادرها إلاّ في الحالات الضرورية جداً، حتى المعابر المفضية إلى مكة تكون شديدة الإزدحام بسبب تفتيش الوافدين و دواعي أمنية، اذكر اننا في السنة الماضية نزلنا إلى جدة في اليوم الثامن من الحج، وعند نقطة التفيش " الشميسي"  في طريق عودتنا، انتظرنا ما يقارب الثلاث ساعات حتى نمر منها، انتهت في هذه الساعات أحاديثنا وضحكاتنا وبدأ الملل حتى قاربنا على البكاء ولكن فرج الله أقرب :)   


يعاني أهل مكة في موسمي رمضان والحج من عدوى الزكام ونوبات البرد بسبب اختلاطهم مع ضيوف الرحمن اللذين يصابون بالأمراض نتيجة تغيّر الجو عليهم، ورغم الزحمة والأمراض لا يستطيع المكّي الشكوى أو التذمر لأنهم ضيوف الرحمن، مجاورتهم وخدمتهم شرفٌ من الله تبارك وتعالى، ولا يسعنا سوى الترحيب بهم وتقديم ما يمكن تقديمه، وماذكرته عن الزحمة والمرض ما هو إلا من باب شرح الوضع لا أكثر. 

في مكة، يوّدع النساء رجالهن لارتباطهم بأعمال الحج التي تفرض عليهم المرابطة وترك أهليهم لأيّام وليالي، فتخلوا المنازل إلاّ من النساء والأطفال، وهذه الحالة ولّدت عادة من عادات أهل مكة في أيّام الحج تُسمى " الخُلِّيف"، وهي اجتماع نساء وأطفال العائلة الكبيرة في منزل واحد، مثلا تجتمع في البيت الكبير " بيت السيد أو الستّ " بناتهم وزوجات ابنائهم واحفادهم ويقضين فترة الحج سوياً في بيت واحد، فيقال: فلانة خلّفت عند اهل زوجها، اي قضت فترة الحج " الخُلّيف" عندهم.

ونتجت عن تلك العادة عادة جديدة، وهي " القيس "، يجتمع النساء ويضربن على الدفوف أو القدور حسب المتوفر ويغنين ويلبس بعضهن لبس الرجال حتى إذا مرّ رجل من غير أهل الحارة ظنّ مع الضجة و الأصوات العالية أن في البيوت رجال فيبتعد دون أذيّة أو مشاكسة، وذاك يدل على براعة نساء مكة وذكائهن، وأن المرأة منهن برجل أو عشرة وربما مائة.

في أيّام الحج يكاد المارّ بجوار بيوت مكة أن يشمّ أزكى الروائح، فالنساء يُعددن الكعك المحشو بالتمر " المعمول" ويتفنن في اعداده،أو كعك حلو المذاق يسمى " الغُريّبة"، حتى يطعمن الحجيج منه ويتهادين به فيما بينهن متفاخرة كلّ واحدة منهن بجودة ولذّة صنيعها.   


في يوم عرفة، اشتهر عن نساء مكة اعداد انواع الطعام وتقديمه للحجاج، ليقوّيهم على أداء فريضتهم، كما يُعددن أشهى أنواع الأكلات للإفطار بعد صيام هذا اليوم الجليل.

غالباً لا يشعر أهل مكة بعيد الأضحى المبارك ولا يفرحون فيه كفرحهم في عيد الفطر المبارك، لأن النساء في جهة والرجال في جهة أخرى، ولا يتسنى للعائلة أن تجتمع إلى قليل، ولا يمكن تبادل الزيارات أو التنزه بسبب الزحام وانشغال الرجال، وفي يوم العيد نجد ابناء الجيران يدّقون الأبواب ليقدّموا هدية العيد وهي قليل من لحم الأضحية حيث تتفنن المكّاويات في طبخه واعداده. 

من أجمل عادات أهل مكة " النتيرة"، وهي حفلة تُعد لمن حجت لأول مرة في حياتها، تتبنى احدى النساء هذه الحفلة لاقامتها في منزلها بعد عودة الحاجّة من الحج، تتم الحفلة كالتالي: تجلس الحاجّة في وسط الغرفة وتُرفع فوق رأسها قطعة قماش وردية اللون " شرشف بمبى"، ثم ينثر على قطعة القماش حلوى البتاسا الحمراء وحلوى الحمص واللوز والجوز والفستق ويوضع معهم قطع نقدية " قروش"، فيندفع الاطفال نحو الحلوى والقروش المنثورة ويشرعوا في جمعها، وتهلل النساء وتبارك لها متمنيات لها القبول.

هذه ملامح الحجّ في مكة المكرمة، ذكرت في هذه التدوينة الكثيرعن النساء، أمّا رجالنا فحكاياتهم مختلفة كلّياً بين عمل ومرابطة، في كلّ موسم نرفع أيدينا مبتهلين ليحفظ الله حجّاجه ورجالنا القائمين على خدمتهم ويغنمّهم جميعاً ويردهم سالمين.

كلّ عام وأنتم بخير .. 

وعمَــــــــــار يا مكة

الخميس، 28 أكتوبر 2010

حكايا ستي



على زندها أضع رأسي ..

ومن عينيها انسج احلامي ..

في كُلِّ مساء تضمني إلى جوانحها فأرى لمحة من عالم الغيب .. 

سُبحان من حوّل صدرها إلى مرتع حبّ .. ودقات قلبها إلى انذارٌ بالامان ..

تُخلل أصابِعها في شعري .. تُتمتم بالفاتحة ثم المعوّذات ثم آية الكرسي و تنفث عليّ ..

تنظر إلىّ بابتسامتها الهادئة قائلة: تُصبحين على خير ..

كعادة الطفلة المدللة .. تأبى إلاّ سماع الحكايا قبل النوم ..

فتبدأ الجدّة الحنونة بطرح حكاياها المكاويّة اللذيذة .. تقول:

هادي البسة (القطة) جات .. حفرت حفرت اتحَنّت يدها

طالعت لربها كحلها عينها

راحت بيت السلطان اداها (اعطاها) لولو ومرجان

راحت بيت الوزير ادوها موية من الزير (البئر)

راحت للفران اداها حنانة ( عجين بالتمر)

راحت للكلب قالتلو شوف يا كلب .. ايييييييييي

راح الكلب حفر حفر انكسرت يدو

طالع لربو عمالو عينو

راح بيت السلطان دردبوه (اسقطه) من الدرجان

راح لبيت الوزير دقدقوا راسو في الزير

راح لراعي الدكان دقدق راسو في التنك (صفيح من الحديد)

راح للفران دخلو في الفرن !!!  

وبانتهاء الحكاية تتصاعد ضحكاتي .. سائلة المزيد .. والكريم إذا سُئِل أجاب .. وستّي أكثر النساء كرماً ..

ليس كرماً فقط .. بل أكثرهن جمالاً في الوجه والروح .. لذلك أُحب سماع صوتها كلّ مساء، والتّلذُذ بالنظر إلى وجهها قبل النوم، ومرافقتها طوال اليوم .. 

أعشقُ جدتي كثيراً .. وأعشقُ العادة التي علّمتني اياها .. 

أورثتني تلك العادة حبّ القراءة قبل النوم .. وحبّذا ان كانت في رواية ظريفة أو مادّة بسيطة لأجلب الأحلام السعيدة إلى مُقلتيّ ..  وإن لم أجد هذا النوع من القراءة .. فإنني اتجه إلى أحبّ الكتب إلى قلبي ولكنها تُصنف من النوع " الثقيل" فكراً .. وفي العادة تجلب الأحلام المعقدّة التي تُفسد عليّ مسائي وصباحي .. !!

فقررت أن أحكي لنفسي .. كما كانت تفعل ستّي .. في كلّ مساء .. أخلد إلى فراشي .. أتلحّفُّ بلحافي .. أُحصّن نفسي و أقرأ سورة الملك .. ثم أتاكد من السكون حولي .. وعندها أبدأ في الرواية .. إما أروي على نفسي حكايةٌ جديدة من نسج خيالي الفوريّ .. أو أُكمل الحكاية التي بدأتها منذ يوم او اسبوع أو شهر .. وربما سنة ..

أبطال حكاياتي متنوعون .. منهم من أعرفه .. فأقحمه بناء على شخصيته في احدى الحكايات .. ومنهم من لا وجود له على الإطلاق .. ومنهم مزيج بين الواقع والخيال .. وبذلك تتنوع الأحداث وتشتدُّ الخطوب ..  

بعض الحكايا تمتدُّ معي حتى الأحلام .. وبعضها جميل لدرجة أنني ابتسم ثم أودّع أبطالها وأنام .. وبعضها مؤلم يدفعني إلى دفن رأسي في وسادتي وأبكي وأبكي .. حتى أفيق متسائلة إن كانت الأحداث قد وقعت حقاً أم أنها لم تبرح الحكاية .. وبعضها جميلٌ ممتعٌ سلسل .. يُشوّقني إلى مساء اليوم التالي .. 

أشعر بأن في حكاياتي مرتع خصب لفكري الجامح .. أُحِبُّ تجربة العيش في انماط الحياة المختلفة .. أُحِبُّ تعدد المواقف والخبرات .. أُحِبُّ أن أتقمصّ شخصيات مختلفة عني بالكليّة .. في البؤس .. والفرح .. والعمل .. والفكر .. والمنصب .. والأسرة.. لأرى كيف تنظر إلى الحياة وماهي دوافعها لتلك النظرة .. أُحبُّ أن أرى ابطالي في مأزق أو مشكلة  أو خطب ما و اتوق إلى معرفة النجاة بناءً على توجُّهاتهم المختلفة .. أو أأخذهم بيديهم إلى كوامن السعادة .. أُحِبُّ أن أعزف في حكاياتي الحاني الخاصة وأغني أغنياتي التي ما سمعها أحد سواي .. حكاياتي .. احدى عوالمي الخفيّة ..

ثم استيقظ لأجد ستّي في غرفة الجلوس .. تجلِسُ وكأنها الشمس أذنت بطلوع النهار .. أُقبِّل رأسها ويديها .. وأّقُصُّ عليها قليلٌ من الحكايا وأحتفظ بكثيرها لي .. ثم تبادلني حكايتي بحكاية .. وهكذا حتى تنصرف كلتانا إلى ماعليها فعله .. 

ما أجمّلُكِ يا ستّي .. وما أجمل ما اورثتني اياه ..  

وما أعمق الحُبّ الذي دفنتيه في قلبي .. أنفقت منه كثيراً ولم ينضب حتى الآن ..

قُبلة حُبٍ واجلال على جبهتك الطاهرة .. أدامك الله في حياتي "حياتي" ..  

 

 

الأحد، 17 أكتوبر 2010

رحلتي إلى الكويت - الجزء الثاني ( المؤتمر )



11/10/2010هو يوم افتتاح مؤتمر القيادة والتدريب النسائي الأول، وصلنا – اختي وانا - الى قاعة الراية في فندق الكورت يارد ماريوت في تمام الساعة التاسعة صباحاً، وجدنا المنظمات في استقبالنا، مرحبات تارة وموجهات تارة اخرى، اتجهنا نحو احدى الطاولات لنستلم بطاقئنا التي ستعلق في اعناقنا طوال ايام المؤتمر وكأنها تذكير في لحظات السهو لما قدمنا لأجله، وجدنا أ.بثينة الإبراهيم بابتسامتها الهادئة تمد يدها الكريمة لتصافحنا وترحب بنا، وقفت امامها وأخذت احدث نفسي: هذه هي أ.بثينة .. أفي حلم أنا؟ واخيراً أراها أمامي مجسدة وليس على شاشة التلفاز المسطحة .. آه يا أ.بثينة ما اشبهك بالملائكة، اخذنا بطاقئنا ودلفنا الى القاعة، جلسنا بجوار فتاتين بادرتُ بالتعرف على الأولى ثم الثانية، الأولى كانت " بارعة " من الرياض والثانية كانت " اسراء " من الكويت، وبذلك اكتمل رفقاء الرحلة " اسراء وبارعة وولاء وأنا "، لم نفترق خلال المؤتمر إلاّ عند انتهاء اليوم وبعد مرور 13 ساعة نقضيها سوياً، نذهب لننام ثم نعود في اليوم التالي لنقضي 13 ساعة أخرى، أعجبني في هذه الرفقة اهتمامها بالقضايا الاسلامية الكبيرة واشتراكنا في قيمٍ كثيرة، لم نناقش قضايا سطحة بسيطة رغم اختلافنا في بعضها ولم ندعها تؤثر على المساحة الشاسعة المشتركة بيننا، على سبيل المثال ناقشنا نهضة الامة وكيف ستتم، و اختيار الزوج وتربية الابناء، محطات الكفاح والنجاح في حياة كل واحدة منّا، ونقاط كثيرة اثارتها موضوعات المؤتمر او استرجعناها من ذاكرتنا.

بدأ المؤتمر الساعة العاشرة صباحاً، وتزامن مع بدئه وصول د.فايزة الخرافي – اتمنى ان تقرؤا عنها – الراعية للمؤتمر، تقدمت فجلست امامنا، ثم سمعنا صوتاً اتى من آخر القاعة يقول" السلام عليكم"، قلت في نفسي صوته .. انه صوته .. وكيف لا اميّز صوت المعلم والمربي والقائد الفاضل .. د.طارق السويدان، تقدم ليجلس امامنا ايضاً، سبحان من البس هذا الرجل ثوب الوقار وانعم عليه بالهيبة، يجلس امامي أ.بثية و د.فايزة و د.طارق .. يا له من شرف، بدأت احدى الفتيات بالتقديم، قدّمت د.فايزة لتقول كلمتها، ثم أ.بثينة، ثم د.طارق، أيُّ رجُلٌ يُقدم زوجته قبله؟ لا يفعل ذلك إلاّ كريم .. وفعلها د.طارق السويدان. 


أثناء تكريم د.فايزة الخرافي

انتقلنا الى فاصل بسيط ليعقبه أولى محاضرات ودورات المؤتمر، كانت بعنوان " هل يصنع التدريب قادة؟"، قدّم المحاضرة د.طارق السويدان، حيث بدأ بشرح التدريب ومهاراته ومفاهيمه ثم ختم المحاضرة بإجابة عن السؤال .. نعم يصنع التدريب قادة. 

ادركنا فاصل آخر للغداء وأداء الصلاة، ثم انتقلنا للنصف الآخر من المحاضرات، تم عرض ثلاث محاضرات في نفس الوقت وعلى الحضور اختيار واحدة منها وحضورها، اخترت " التدريب النفسي " لـ د.عادل الزايد، كان حضور الدكتور مميّز والقصص التي سردها شيّقة، ولكنني وجدت المادة العلمية فيها شئ من الإعادة، ربما لأنه سبقه ببعضها د.طارق.

أكثر المحاضرات تشويقاً، مع محتوى جديد ومدرب مبدع، انها " التدريب التكويني " لـ د.أحمد بو زبر، ربما لم نسمع بهذا الإسم كثيراً في السعودية، إلاّ أنه متميّز جداً، كان النوم في بداية محاضرته يداعب جفوني، استيقظت من الساعة السادسة صباحأ، وبدأت المحاضرة الساعة السابعة والنصف مساءً، يكاد يغشى عليّ من النوم، إلاّ أن اسلوب المحاضر الممتع، جعلني اتابعه بحماسة وانفض غبار النوم من عيني، التدريب التكويني هو تكوين التدريب – كما فهمته – يتم في عشر خطوات ابتداءاً من تشكيل الفريق إلى تحديد القيم في مؤسسة ما وانتهاءً بتحديد مادة التدريب ثم تقيميها واعادة الكرّة من جديد، كانت الدورة جديدة وفي منتهى الجمال.

اقلتنا اسراء الى الفندق بعد الانتهاء من اليوم الأول، استسلمنا للنوم فور وصولنا، لم أشعر إلا والساعة تصدر اصواتها المزعجة معلنة عن بدأ يوم جديد، وكعادة أهل الكرم .. أهل الكويت، أصرّت اسراء أن تقلنا في الصباح إلى قاعة المؤتمر، رغم ان الفندق قريب جداً من القاعة، اليوم الثاني مميز جداً ومهم بالنسبة لنا سنعرف بعد قليل لما هو كذلك.

التقينا بارعة عند باب القاعة  فوجدنا أ.أسماء التي بادرت بالسلام علينا والسؤال عن احوالنا ثم دخلنا القاعة سوياً، جلسنا في الصفّ الأمامي بكل حماسة استعداداً لمحاضرة " الألعاب في العملية التدريبية " لـ د.أيوب الأيوب، هذه المحاضرة من أكثر المحاضرات خفّةً ومرحاً، علاوة على مضمونها المسلي، أبدع د.الأيوب بأسلوبه الممتع الفكاهي في شدّ انتباهنا ومفاجأتنا بأسرار الألعاب التدريبية .. إليكم مثال: حوّل د.أيوب لعبة الطائرة الورقية ولعبة الكراسي وغيرها من الألعاب البسيطة إلى العاب تدريبيه تحمل مضامين ومفاهيم هامة، كانت تلك من اجمل المحاضرات.

اتبع الفكاهة الجدّ، بعد انتهاء المحاضرة السابقة بدأت محاضرة بعنوان " تقييم التدريب الفريضة الغائبة" لـ د.ناصف عبد الخالق، تحدّث فيها عن اهمية تقييم التدريب، وكيف يمكن قياس فعاليته وما الى ذلك، د.ناصف أضاف قليل من الفكاهة على المادة العلمية الجامدة باسلوبه اللطيف، فردد كثيراً المثل المصري: أحمد هو الحج أحمد ( كناية عن تساوي شيئين ) ثم بدأ بالأمثال الكويتية مثل: إلي في القدر يطلعه الملاّس، واستخدم كلمات كويتية مثل: اش دعوة و ماكو .. هنا ضحكت كثيراً .. لتداخل اللهجة المصرية بالكويتية.  

انتقلنا الى استراحة غداء، كانت طويلة نوعاً ما، فقررنا أن ناخذ قسطا من الراحة في غرفة بارعة بفندق الماريوت لنستعد للمفاجأة والدورة المميزة، كعادة النساء .. تحدثنا كثيراً قبل أن نحظى بنومة لم تتجاوز الثلاثين دقيقة، حزمنا امتعتنا وتوجهنا إلى كافيه، ابتعنا منه قهوة لتساعدنا على التركيز في الدورة القادمة، اعتقد بان القارئ يتسائل الآن .. هل هناك دورة تتطلب كل هذا الاستعداد؟ فأقول نعم .. انها دورة " قوانين صناعة المرأة القيادية" .. محور المؤتمر وأكثر الدورات دسامةً وفائدة .. وأعمقها فكراً محتوى .. ناهيكم عن أنها مقدمة من أبو القيادة د.طارق السويدان، استمرت الدورة لمدة ست ساعات ونصف تقريباً، اخبرنا د.طارق أننا أول جمهور يحضر هذه الدورة، فسعدنا بهذا الشرف، اعطى فيها د.طارق دون كلل او ملل – ماشاء الله – حتى استمر بعد الدورة يجاوب على اسئلة الحضور رغم أن الاجهاد بدا واضحاً عليه إلا أنه جلس على كرسي فوق المسرح وأكمل نقاشه مع الجمهور، كم هو رائع هذا الانسان في عطائه وتواضعه، حفظه الله وكلله برعايته، لم يتمكن منا النوم في هذه الدورة ولا النعاس ولا الارهاق لأن المدرب متمكن من فن الإلقاء والعرض وفن الإقناع مع قوة المحتوى، خرجنا من القاعة بعد انتهاء الدورة والسنتنا تلهج بالدعاء لـ د.طارق والقائمين على المؤتمر.  


د.طارق السويدان وجانب من الحضور

ها هو اليوم الثالث يبدأ، ذهبنا إلى القاعة واصطف الرباعي المرح على الكراسي في الصف الاول أيضاً، اعتلى د.علي الحمادي المسرح ايذاناً ببدء دورة " التدريب بالاستمتاع وفن التأثير على الجمهور"، كانت دورة جميلة وممتعة، استفدتُ منها كثيراً ولعل مضمونها واضح من عنوانها.

داهمتنا استراحة الغداء طويلة الوقت، قررنا بارعة وأنا أن نذهب إلى الراية مول المجاور لقاعة الراية لنتحرك قليلا ونستعيد نشاطنا، وصلنا الى القاعة قبل بدأ المحاضرة التالية بدقائق والتي كانت بعنوان " تكنولوجيا القيادة والتدريب لتطوير مهارات المرأة" لـ أ.د.محمد الألفي، وصف فيها المحاضر العالم الافتراضي وكيف ان المجتمع الغربي استفاد منه، كانت المحاضرة ثقيلة نوعاً ما على الحضور، لأن المحاضر اسهب في أنواع التقنيات وتحدث في امور تتعلق بالمختصين فقط، ولولا أنني من المختصين في الحاسب الآلي لدخلت في سبات عميق، ومن أكثر ما ازعجنا واضحكنا في نفس الوقت أن المحاضر عاملنا وكاننا طلبة، لا يريد حديث جانبي ويريدنا جميعا ننظر إليه، ليس في رأيي تقليل من شأن المحاضر الكريم أو المادة العلمية، هي مجرد وجهة نظر.

انتقلنا إلى المحاضرة الأخيرة في اليوم الثالث، كان المحاضر البشوش طيب الذكر أ.ناصر المانع، حدّثنا عن " إدارة الرأي العام ودورها في صناعة الرموز"، المحاضرة كانت جديدة ورائعة بكل الماقاييس، كشفت لنا المستور وعلّمتنا ما يدور " تحت الطاولة" ، احببتها جداً، ولكنني وصلت فيها إلى قمّة الإرهاق، انتهت المحاضرة على الساعة العاشرة مساءً.. ذهب الى الفندق لأنام بملابس المؤتمر دون وعيٍّ مني.

اليوم الرابع .. هو اليوم الأخير .. طلبت منّا أ.بثية الحضور مبكراً لأن فعاليات هذا اليوم مختلفة، حيث تم تقسيم الحضور إلى 6 مجموعات كل مجموعة تحتوي على 26 عضو، كما وضعت 6 زوايا تدريبية عملية في مجالات مختلفة ويطلب منها تنفيذ مشروع في كل زاوية من الزوايا.. الزوايا هي:

فن الحوار والإقناع .. بإشراف: د.أيوب الأيوب – د.مصطفى أبو السعد 

المطلوب: الرد على قضية ابتدعها د.أيوب أن المرأة تصلح للإدارة دون القيادة.

فن الالقاء والعرض .. بإشراف: أ.عبد الله الحجرف – د.خالد المريفع

المطلوب: اعداد مقدمة ومحتوى وخاتمة لموضوع المرأة المدربة.

مهارات تحليل الواقع .. بإشراف: د.سعاد البشر

المطلوب: تحليل مشكلة تم طرحها من قبل المشرفات.

اختيار المشاريع الناجحة .. بإشراف: أ.منذر المعتوق 

المطلوب: اختيار فكرة مشروع، ثم القيام بدراسة للسوق والإمكانيات الفنية والإدارية ثم اعداد ميزانية.

اعداد وتقديم برنامج تلفزيوني .. بإشراف: أ.يعرف بو رحمة – أ.نبيل المساعفة

المطلوب: تقديم فكرة لبرنامج تنبثق من هاجس معين، ثم تحديد مدة البرنامج ودورة عرضة وانتاجه.

التفكير الإبداعي ومشاريع النهضة .. بإشراف:د.طارق السويدان – أ.ناصر المانع 

الطلوب: تقديم فكرة ابداعية لمشروع يخدم الأمة الإسلامية باكملها وليس بلد واحد.

 

الجميل والمبدع في الموضوع أن كل المجموعات الستة تدور على الزواية الستة بشكل متتابع ومتزامن، ولكل زاوية وقت محدد وهو 20 دقيقة فقط، تخيلوا معي 20 دقيقة لايجاد فكرة مشروع أو برنامج أو اعداد رد وما إلى ذلك، مع مجموعة كبيرة مكونة من 26 فرد، كان ذلك بمثابة التحدي الكبير، واخبرنا د.طارق أنه قال لـ أ.بثينة أن الموضوع شبه محال، لانه من الصعب أن يتفق 26 فرد على أمر واحد مع التخطيط والتنفيذ خلال 20 دقيقة، ولكن الفكرة كانت ناجحة جداً وفعّالة، حوّلنا المعارف التي اكتسبناها الى سلوك ومهارات، بعد انتهاء الوقت اصطف المشرفون جميعاً ليقيّموا أداء كل فريق ويعلنوا عن النتيجة، استنفدنا من تقييمهم كثيراُ وفازت بالمركز الأول مجموعتان، ثم التقطنا صورة جماعية مع المشرفون. 

صورة للمشرفين أثناء التقييم 


جانب من الحضور خلال التقييم  


صورة جماعية

توجهنا بعد ذلك الى الغداء، وتحاورنا كثيراً حول فرق العمل وأسباب القوة والضعف في الفريق، كان الحوار ثريٌّ جداً، ثم توجهنا إلى بهو الفندق وجلسنا نتحدث مع الخلوق جداً د.مصطفى أبو السعد، ثم توجهنا إلى القاعة استعداداً للفقرة التالية والتي كانت حوار مع رموز نسائية وهن: د.فايزة الخرافي ( الكويت)، أ.أفنان الزياني ( البحرين )، أ.منى أبو سليمان ( السعودية )، وكانت المحاورة هي الرائعة أ.أسماء الصباح، استمتعت كثيراً بحديثهن، خاصةً د.فايزة الخرافي صاحبة الخبرة الطويلة والكفاح المستمر، تحدثت عن الحجاب و عن المرأة المسلمة في الخارج، اثلجت صدري بحديثها اثلج الله صدرها بالإيمان.

وهاهي آخر فعالية من فعاليات المؤتمر تستعد للبدء، سبحان من جعل الختام مسك، مسكٌ في ورشة العمل ومسكٌ في المدرب، كانت ورشة عمل بعنوان " كيف تصبحين نجمة في مجالك" للكوكب الدرّي د.طارق السويدان، اعجبتني جداً هذه الورشة، حيث ان المنهج وُضع من قبل د.طارق فقط، بفكرة الخالص، دون تدخل مرجع أو كتاب، وتميّزت ايضاً بوجود معايير يمكن قياسها لمعرفة مدى النجومية التي حققتها، وبذلك تكون انتهت آخر فعاليات المؤتمر.

اعتلت أ.بثينة الابراهيم المسرح شاكرة للحضور، فاجأتنا بفيديو قصير تم اعداده، يحتوي على صور لنا خلال ايام المؤتمر، ما ان بدأ بثه حتى امتلئت اعيننا بالدموع، ولكننا مسحنا دموعنا لأنه لا وقت لدينا للبكاء، فلدينا الكثير لنقوم به، ذهبنا للسلام على أ.بثينة ثم د.طارق ثم أ.أسماء ثم باقي الطاقم، وسلمنا على بعضنا نحن الحضور وتبادلنا أرقامنا و بريدنا الاكتروني، عانقنا بعضنا بحرارة، عازمين على النهضة، توهجت اعيننا بالإصرار والحماسة، لأننا سنكمل الطريق كلاً حيث ولاه الله وملتقانا الجنة ان شاء الله ..

شكراً أ.بثينة وشكراً لشركة الإبداع الأسرية التي اتاحت لنا حضور هذا المؤتمر الرائع وقضاء ايام اكاد اصنفها من أجمل أيام حياتي ..   

لمزيد من المعلومات والصور إليكم موقع المؤتمر:

http://www.ltc4w.com 

لمن يرغب في معلومات أكثر عن احدى المحاضرات أو الدورات، الرجاء ارسال اسم المحاضرة وسأزوده بالمادة العلمية ان شاء الله.

السبت، 16 أكتوبر 2010

رحلتي إلى الكويت-الجزء الأول


قبل يومين كنت في رحلة إلى الكويت الحبيب، رحلة قصيرة في الوقت ولكنها طويلة وثرية جداً في الفكر والعلم، كنت هناك لحضور مؤتمر القيادة والتدريب النسائي الأول لشركة الابداع الأسرية، لديّ الكثير لقوله وقصّه، في كل يوم حكاية بل في اليوم الواحد أكثر من حكاية وأكثر من تجربة وخبرة، سأبدأ بحديثي عن المؤتمر – لأنه المفصل الرئيسي للرحلة – ثم انتقل إلى ما قبل المؤتمر وما بعده ابتداءاً من الترتيب للرحلة وصولا إلى الكويت والسياحة فيها وانتهاءاً بمطار الملك عبد العزيز بجدة. 

إذا بحثنا عن الإبداع سنجده في فكرة المؤتمر .. لأول مرة في وطننا العربي يعقد مؤتمر يخص النساء فقط .. حضوره نسائي بحت .. وكم اكسبنا ذلك حرية وانطلاق وشعور اكبر بأن المرأة لها كيان ومكانة ولها وجود وحضور، ثم تكتمل الفكرة بموضوع المؤتمر ليصبح بدراً كاملاً في سماء الإبداع، القيادة والتدريب .. هُمّشت المراة كثيراً في المجاليين السابقين .. فلم نعد نجد المرأة المسلمة قيادية أو مدربة إلاّ ما ندر، وذلك على عكس ماكانت المرأة عليه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم – والأمثلة كثيرة على ذلك - فجاء المؤتمر ليعيد للمرأة مكانتها ويقول لها بابتسامة أمل مشرقة، مصافحاً فكرها ،انطلقي بمنهج الله وعلى بركة الله .. 

قد يقول أحدهم ممن سمع عن المؤتمر بأن المرأة لا تصلح للقيادة .. سأقول له على الفور في وجود الحقائق تبطل الفرضيات، والحقيقة هنا وجود نموذج واضح للمرأة القيادية تمثل في شخص أ.بثينة الابراهيم رئيسة شركة الإبداع الأسرية وصاحبة فكرة المؤتمر والقائمة عليها .. استطاعت ان تقود فريقاً متميّزاً من اجل فكرة "المرأة القيادية" .. جازفت كثيراً وواجهت تحديات كبيرة ولكنها ظلت صامدة حتى حوّلت الفكرة الى واقع وترجمت الحلم الى امل استقر في قلوب الحاضرات .. نعم هذا زمان المرأة القيادية .. في منزلها .. في عملها .. في حياتها كلها .. ولو رأيتم ما رأيت من حسن تنظيم وجهود جبارة وتعامل في رقيٍّ واحترام ،وروح جميلة من المحبة والتفاني والعطاء تمثّلت في القائمات على المؤتمر، لوقفتم لهن وقفة احترام واغدقتم علين الثقة اغداقاً، هن لم ينتظرن أن نغدق عليهن الثقة، بل كسبنها وانتزعنها انتزاعاً، نظّمن المؤتمر فلم أشعر بنقصان أو خلل، رغم الضغوط عليهن وساعات عملهن المتواصلة إلاّ انني أجدهن دائما مبتسمات، مصافحات، معتذرات قبل وقوع الخطأ و مسامحات رغم الزلل، اخترن للمؤتمر ارقى الفنادق في الكويت وعملن على توفير راحة تامة للحضور وجلبن اهم الشخصيات القيادية والتدريبية لتعطينا من فيض علمها، ولو أنهن فرشن لنا حصيراً في شوارع الكويت تحت الشمس الحارقة لاستمتعنا بوجودنا معهن ولظللتنا متانة العلم وعمق الفكر الذي كان يُصبّ علينا صباً بكل كرم وسماحة، بعد ذلك هل مازال يخالج احدهم شك بأن المرأة لا تصلح للقيادة؟؟  


الشيخة أسماء الصباح .. نائبة أ.بثينة الابراهيم، جعلتني احلّق فرحاً بمعرفتها، اكتب عنها الآن واتذكر وجهها البشوش المبتسم .. وعينيها الممتلئتين بالحماسة والعطاء .. وهامتها الشامخة بتواضع .. لم يغنها لقب " شيخة " عن مساهمتها الفاعلة في المجتمع واحساسها بالمسؤولية تجاه المرأة فترجمت ذلك الى افعال مشرفة رأيت بعضها في المؤتمر .. تذكرني كثيراً بالفراشة .. لها من جمال الصفات ما يشبه الوان الفراشة .. تجوب قاعة المؤتمر بخفة ورقة لتحدّث تلك أو تصافح الأخرى أو تسأل عن أحوالنا في كل صباح، فتدور اعيننا معها ونقول: ماشاء الله لا قوة إلا بالله .. حفظك الله يا أ.أسماء ..   


الحاضرات الكريمات من كلّ الدول العربية .. بيننا سوياً جسوراً من المحبة والاخاء اتشرف بها جداً .. كما اتشرف بأن مجموعة كبيرة من الحاضرات من السعودية .. هذا نذير بشرى وخير لهذه البلاد الطاهرة ان شاء الله ..


كانت تلك مقدمة لتدوينتي القادمة .. التي ستدور حول مادة المؤتمر وختامه، اعتذر ان اطلت ولكنني اردت ان تعيشوا معي تلك الأيام وترونها رؤيا العين .. واعتذر للقائمات عن المؤتمر لأنني اختصرت جهدن المبارك بإذن الله في كلمات بسيطات ..