الأحد، 13 يونيو 2010

قلّة أدب !!



قبل اسابيع قليلة وبعد طول انتظار تم افتتاح متجر اكسترا للالكترونيات في مكة المكرمة، فقررنا - اخوتي وانا - زيارته واستكشافه عن قرب، وتم ذلك والحمد لله ..

كل مافي المتجر كان جميل .. الالكترونيات .. التنظيم .. المساحة الكبيرة .. بيد أن الازدحام – عدوّي اللدود – أثّر على ذلك الجمال قليلاً ..

تجولنا فيه على عجالة لأننا كما اسلفت اتينا للاكتشاف فقط، ولكن في عالم رائع مليئ بالالكترونيات مع صحبة ذات اهتمامات الكترونية متميّزة لا بُدّ من "المَحَافِظ" ان تُفتَح ولابدّ من الانتظار في طابور المحاسبة ..

وقفنا في طابور المحاسبة الفوضوي على انغام " تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك "، تلك الأنغام التي انبعثت من المحاسبين وضغطهم المستمر على زرّ " Enter " في جهاز المحاسبة علّه يعمل بعد ان اصابه عطل، لا اعلم في الحقيقة من الذي أوحى لهم بأن " تك تك تك " هي الحل!!

حان دورنا .. فتقدمنا بعربتنا ووضعنا اشيائنا على الطاولة بانتظار الجهاز العطلان أن يعمل، وفي خضم انتظارنا وتبادل الهمسات مع اخوتي حول الموقف والاحراج الواضح على محيّا المحاسبين، رأيت امرأة تقف مع ابنائها تنتظر في الجهة الأخرى، ويبدوا أن ابنائها كباراً بما يكفي لتوليهم مهمة المحاسبة واعفاء الأم من عناء الإنتظار، ولكن الأمهات يُفضلنّ تدليل ابنائهنّ الصبية كثيراً بحجة أنهم لن يجدوا راحة في حياتهم الزوجية المستقبلية!!

لم يدم انتظار تلك المرأة طويلاً فسرعان ما سمِعتُها تصرخ وتتذمر من سوء الأداء والخدمة، وتشتكي أنها منتظرة منذ فترة طويلة وووو ، فقال لها المحاسب الموكل بأمرها وبكلّ أدب: أُصيب النظام بعطل، والسبب في العطل الفرع الرئيسي بالخبر وهذه المرة الاولى التي يتعطل بها النظام .. اعذرينا.

شعرت بخجل ينتابني من سوء تصرفها، وقلت في نفسي لو كنت مكانها لاعتذرت للمحاسب وحييته على حسن ادبه و القيت غضبي على الانتظار الذي اكرهه كثيراً .. يستفزني .. يُفقدني الأمل .. ذات مرة انتظرت كثيراً على اعتاب باب علّه يُفتح .. واكتشفت في نهاية المطاف انه باب لا مقبض له !! تلك من ذكريات الانتظار السيئة.

بالعودة إلى تلك المرأة التي بدى عليها استعدادها التام لاستكمال العراك مع المحاسب لولا تدخُّل ابنها السريع، حيث نظر إليها بوقاحة وقال بصوت واضح " النظام كان شغّال من اوّل .. ودحين خرب .. هادا وجهك عليهم !!"، واشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى.

يالا سوء الأدب ورعونة الفعل، اتعلم يا هذا من التي تُخاطبها .. إنها أمك .. أمك ..!!

وقفت انتظر تلك الصفعة القوية على وجه الابن من امه، او نظرة قوية كسهم يخترق احشائه، ليتعلم كيف يحترمها امام الجموع، إلا أن الأم ارتبكت قليلا وتدثرت بالصمت من برد الخجل متظاهرة بأن شئ لم يكن، صحيح .. لن تُصلح الصفعة او النظرة ما فَسد على مرّ السنين .. فكان الصمت أبلغ!!

همستُ في اذن اختي بما سمعت فضحكت وضحِكتُ معها على تلك المهزلة التي رأيتها وسمعتها، وقلت في نفسي: ذاك غرسها .. فالتستمتع بثمره !!

إنني اغضب من سوء أدب الأبناء مع آبائهم، واعجب من ردود فعل الآباء الباردة والمخزية تجاهها، ذلك ليس تسامح أو حباً أو تدليل من قبل الآباء .. إنّما قصور في تربية ابنائهم واعدادهم لدنياهم وآخرتهم .. مما ينتج عنه شباب قليل الأدب، يعمل بقلة أدب، يتزوج بقلة أدب، يتحدث بقلة أدب، ينجب أطفالاً فيربيهم على قلة الأدب، وطفل اليوم هو امل الغد .. وأمل الغد .. قليل الأدب!!

-----------------------------------------------------

إلى كل أبّ وأمّ: ربّوا انفسكم ثم احسنوا تربية ابناكم .. فذلك جزاؤكم في الدنيا وعملكم للآخرة.

إلى كلّ ابن: احسن إلى والديك .. فذلك عملك في الدنيا .. وجزائك في الآخرة.