إنه رمضـــانك

شهر رمضان .. شهر البركة والغفران .. شهر القرآن .. شهر الحرية .. في هذا الشهر تتحرر أرواحنا من قيود أنفسنا وضيق أجسادنا .. إلى عالم الروحانيات .. الملهم .. المضيئ .. الفسيح .. وتدخل في علاقة خاصة جداً مع بارئها وخالقها وسيّدها ومالكها .. تبدأ بجلوسها على بابه .. تذرف الدمع على ما مضى .. تبكي كثيراً وتشكي ضعف قوتها أمام جبروت النفس ومكائد الشيطان .. تتذلل إليه ليعزّها بعفوه .. ويقويها بفضله .. تبكي وتشكي حتى يغمرها الحنان بكرمه ، و ينظر إليها الرحمن بعين الرحمة، و يعينها ويأخذ بناصيتها إلى رحابه .. فتنشئ تلك العلاقة الجميلة الوطيدة الممتدة طيلة ثلاثين يوماً .. مابين صلاة تقرّ بها العين .. وتلاوة يطرب لها القلب .. وذكر ينير الوجه .. ودعاء تنجلي به الغمّة ويتحقق به المراد .. هنا يزيدها الكريم كرماً بليلة خير من ألف شهر .. تتنزل فيها الملائكة بأمره .. ويعمّ فيها السلام .. ليلة يُستجاب للسائل فيها ويضاعف للعابد فيها أضعافاً كثيرة .. إنها ليلة القدر .. ولا تنال فضلها الأرواح الكسولة التي ارتضت الجسد مسكنا والنفس حاكماً .. إنما تلك الأرواح المحلّقة .. عالية الهمّة .. التي تعتزم على الرجوع إلى موطنها رجعة عزيز ابيض الوجه والعمل ..

يا أصحاب الأرواح الطاهرة النقية .. اعطوا لرمضان القادم كثيراً من الخصوصية .. فكما اختص سبحانه وتعالى بمجازاة الصائم .. كان حريّا بالصائم أن يختص رمضان ببعض المعاني والعبادات ، حتى يستحق جائزة الله سبحانه وتعالى.

إنه رمضانك .. اجعل له معنى خاص يصاحب قلبك في أيامه ولياليه.. ثم اعكس هذا المعنى على جوارحك بتحديد معينات فعليه لتحقيقه .. كمن يريد أن يعيش في رمضان مع القرآن .. منهجاً ولذّة .. عليه الاستعانة ببعض المعينات كالاكثار من قرائته مع قراءة بعض تفسير آياته أو خواطر وتأملات لمن دونها من أصحاب الفضل .. أو من يريد بمعنى القرب من الحبيب عليه الصلاة والسلام.. عليه أت يمتثل سنته ويحي ما اندثر منها و يطالع سيرته العطرة .. تلك بعض المعينات التي ستساعده على تحقيق المعنى .. تتعدد المعاني وتختلف المعينات .. فاختر لك معنى يصل حبلك بحبل الله .. ومعينات تقوّم عملك لتنال رضاه ..

إنه رمضانك .. لا تجعله يمر دون أن يكون علامة فارقة .. انظر الى المُجازي .. إنه من ليس كمثله شئ .. فلا تقدم له أي شئ غير مجوّد أو مميز ..

انه رمضانك انت وليس غيرك انت .. لا تدع للآخرين فرصة افساده .. ردد بكل هدوء وطمأنينة: اللهم إنّي صائم .. صائمٌ بالنهار والليل .. صائم بالقلب والجوارح .. ولا تنسى العفو عن من يسيئ إليك ليعفوا عنك العفوّ ..

انه رمضانك .. ابحث فيه عن ملذّات روحك .. اطرق كل الأبواب لتتذوق لذّة الطاعة .. في أيّ من العبادات تجد اقبال النفس و لذّة الروح .. في الصلاة؟ في قرآة القرآن؟ في عمل الخير؟ في رضى الوالدين؟ في صلة الرحم؟ .. أبواب الخير كثيرة والعبادات أكثر .. ركزّ على من تجد فيها اللذّة وقم ببعض العبادات الاخرى وحاول ان تجد فيها لذّة .. وخير معين على رجوع القلب لله سبحانه وتعالى في باقي الشهور هو ما يجده من لذّة في شهر رمضان المبارك ..

انه رمضانك .. خصص فيه خمس أو ست دعوات من دعواتك الملحة .. وادعوا بها بإلحاح شديد في كل الأوقات .. خاصة في أوقات استجابة الدعاء .. تلك هي طريقة السلف الصالح في الدعاء في رمضان .. وكان سبحانه يستجيب لهم بكرمه ومنّه وجوده ..

اجعل لغيرك رمضانه .. ساعد غيرك على أن يكون له رمضان خاص به .. يحمل معنى خاص .. ومعينات خاصة .. وأهداف وغايات خاصة .. ودعوات خاصة .. ما أجمل أن تأخذ بيد احدهم إلى طريق الرحمة والهدى والسعادة ..

واحرص كل الحرص على سلامة القلب فقد حُرمنا معرفة ليلة القدر على وجه التحديد بسبب مشاحنة بين شخصين .. ولا تنسى الاخلاص ليتوّج المولى رمضانك بالقبول ..

كل عام وأنتم إلى الله أقرب .. جعلنا الله واياكم من عتقائه في رمضان .. ورزقنا فيه حسن الصيام والقيام .. وقراءة وتدبر القرآن .. واتباع سنة المصطفى ومرافقته عليه الصلاة والسلام ..

ولا تنسوني وأمتنا الإسلامية من صالح دعواتكم ..

بعض النصائح المفيدة جداً لأصحاب الفضل ..

كلمة للدكتور طارق السويدان

كلمة للشيخ علي أبو الحسن