وحدها ..
تجلس على صوفة حمراء ..
ينسدل على كتفيها شال قد حِيك من الصوف الاحمر ..
تلمع اظافرها بطلاء احمر ..
بين يديها كوب احمر ..
تتصاعد ادخنة القهوة على وجهها
و كأنها ضوء خافت يكشف عن حمرة وجنتيها و شفتيها ..
من اين لها كل هذه الحمرة .. ؟
أيٌ صقيع ذاك الذي عصف بها .. فخطف سمرتها المسكرة
و البسها رداء احمر لا يرى منه سوى زرقة العروق الثائرة
على ظهر كفيّها ..؟
أو أي زمهرير ذاك الذي ضمّها بقوة اليه ..
صهرها .. ثم تركها تغلي في حمرتها و رحل؟
جامدة هي ..
عينيها مصوبتين نحو النافذة ..
لا تتحدث
لا تتنفس
لا تلتفت
هل ثمّة قادم من هذا الصوب؟
ربما كان مودِّع !
تتألم بعمق ..
تتجمل بالصمت
و تسرح
موج محبوس في عيناها
تأبى له جزراً أو مداً ..
شلال أسود منحدر من أعلى جبهتها
حتى حقل الكادي في رقبتها
يعبث وحده ..
يحضن نسمة ..
يجري معها ..
ثم يعود ..
يقبل اطراف اصابعها و ينام على كتفيها ..
لحزنها عتمة
اطفئت ضوء القمر ..
و ابت ان تفضح اسراره انوار الفجر
و تعبدت في محرابه كل نجمه ..
و لأجله تلت العواصف
في قدسية ترانيم السكون ..
يا ايتها المتوشحة بآلام الاحمر
وجنون الاحمر
و عنفوان الاحمر
و خجل الاحمر
قولي بالله عليك ما سرّ الاحمر ..
انا لا افهم ..
اخمدي حيرتي التي ارّقت قلبي
و جسدي الذي يأبى إلاّ الوقوف أمام شرفة
تلك الحمراء .. في الجادة المجاورة ..
اتسمعيني؟
أتريني؟
في كل يوم اقف امامها
امعن النظر فيها
احدثها
ارسل لها قبلا و ورداً و باقة عشق
ارسم لها في الهواء قلوباً مخلصة .. و احلاماً ملونة
و قصاصات ورق .. فيها "انّي اُحِب "
و لا جديد .. سوى انها متشحة الاحمر
كوب القهوة بين اصابعها
عينيها مصوبة نحو اتجاه واحد
رحلت منه .. أو رحلت معه
ضاعت في الدرب
أو ضيّعها الدرب
و لم تعد ..
ولم تعد ..