الاثنين، 31 يناير 2011

من قال أني لا أثور؟

أسعد الله صباح ومساء كل من يقرأ كلماتي الآن .. :) 

وصلتي رسالة من قارئ كريم اختار لنفسه لقب " متابع
يعاتبني فيها على الانقطاع الطويل في نشر مواضيع جديدة على المدونة، ثم استنكر صمتي خلال الأحداث الجارية 
ودعاني إلى أن أكتب وأثور وأعبر عما يجول في خاطري من خلال المدونة. 

الكريم " متابع " .. أشكر لك متابعتك للمدونة وحرصك عليها، واعتذر من تكرر الانقطاع 
ولكنه ليس انقطاع بمعنى الانقطاع، انما هو تغيُّب نسبي بسبب حرصي الشديد على مراجعة أفكاري وكلماتي قبل نشرها 
وذلك يتطلب وقت طويل نوعاً ما في التدقيق وانتاج محتوى يليق بالقارئ الكريم. 
أشكرك مجدداً، اسعدني اهتمامك.  

وفيما يتعلق بالصمت والثورة والأحداث الجارية ، 
من أوحى لك بأنني لست بثائرة أو لا أثور؟ 
قل لي من يستطيع أن لا يثور في ظلّ أحداث تونس ومصر وحرقة القلب على جدّة؟ 
أنت ثائر .. لذلك بعث لي برسالتك .. 
وأنا ثائرة ولكن على طريقتي، الصمت في بعض المواقف أبلغ من الكلام، لست صائمة عن الدعاء والدعم بما استطيع 
لقضايا الأمة وان كانت أهمها حالياً قضية مصر، ولكنني أترفع عن قول ما لا أعلم، لست محللة سياسية ولا عالمة 
ولا مفكرة .. إنما أنا مواطنة مسلمة عربية حتى النخاع، تمسني تلك القضايا وتأخذ الأولوية في حياتي، ولكني احب الاستماع والقراءة لمن هم أعلم في هذه الأمور، لديّ القليل من بعد النظر في معرفة إذا ماكانت مقالاتي هنا 
ستحقق فائدة أو يبنغي عليّ استثمار جهدي الفكري فيما هو أكثر فائدة، إنني الآن أثور مع أمتي بهتافاتي وندائاتي ودعواتي. 

ولا أخفيك، أن فكري في حالة ثورة لم يشهدها من قبل، كلّ ماكنت أقرأة في الكتب عن إرادة الشعوب والحرية والثورة 
أجده اليوم وبين ليلة وضحاها في بثّ متواصل على الهواء مباشرة، إنه أمر لم يواجهه جيل آبائنا وأساتذتنا من قبل، لذلك أجُند قواتي العقلية والفكرية لاستيعاب ما يحدث وتحصيل الاجابات لأسئلة ربما لن أسألها مجدداَ.  

شكراً لك يا متابع على استفزاز صمتي .. 
وسأعيدها مجدداً .. الصمت في بعض المواقف أبلغ .. وبعض الكلام بكاء! 


الاثنين، 10 يناير 2011

لماذا الذبابة وليس دودة القزّ؟؟


لا تخفى عليكم الأزمات التي تعصف بأمتنا الإسلامية، كما لا يخفى عليكم أن الإنسان الآن هو أزمة بحدّ ذاته 
ما لم يتسم بالوعي جرّاء ما يحدث والعمل بمقتضى هذا الوعي لحلّ الأزمات، و لدينا من الأمثلة الكثير على أولائك 
الذين يسعون في الأرض اصلاحاً، وأعتقد أن وجودهم مُبشر بالخير و حدث طبيعي يتوافق مع مهمتنا التي كلفنا بها الله تعالى " الإصلاح والبناء". 
أما الإنسان " الأزمة" فله أشكال متعددة وجماعات متنوعة نراها في الحياة، إن أكثر تلك الجماعات استفزازاً للمجتمع وهدماً فيه هي الفئة التي اتخذت الذبابة قدوتها، من منا لا يعرف الذبابة؟ كيف تعيش؟ ماذا تأكل؟ علاقتها بالبشر؟، الذبابة تعتبر من أقذر الحشرات، حيث تعيش بين النفايات، تقتات منها، وتستمتع بين أحضانها، ثم تبدأ جولتها في مضايقة بني البشر، بالإقتراب من طعامهم أو شرابهم فيكون مصيرة " الزبالة" أو في الإقتراب منهم بشكل مقزز مما يعكر أمزجتهم وقد يفقدهم صوابهم. 
تلاميذ الذبابة لا تكاد تخلو حياة احد منا منهم، نجدهم لا يرون في المجتمع إلا السلبيات والمشاكل والفضائح، يكبرونها ويجعلونها معضلة لا يمكن العيش دون حلها وأن لا تقدم ولا حضارة مادامت هذه المشكلات موجودة، ولا داعي للعمل أو العطاء فالمجتمع متخلف لا يقدّر ذلك ويذهلني توفر أدلتهم الشاذة، وإذا ذكرت أمامهم مصطلح نهضة أو تطور يقهقهون وكأنك ألقيت بنكتة ثم يُتبعون ضحكاتهم بقول: أنت تعيش بين الكتب ولا تعلم كيف يعيش المجتمع؟  


نجد هذه الفئة متمثلة في زميل الدراسة عندما يتسائل بغباء " ليه تدرس هوا الواحد لاقي وظائف، يقلك واحد اتخرج له 5 سنوات بمتتاز والآن يشتغل سواق تكسي .. تخيّل .. كبّر مخك"!!  
أو في زميل عمل متجرد من المسؤولية يقول" إنت شغال بقوة ليه، اتنفس شوية مافي شئ بيفيد في البلد دي وراتبك ماشي ماشي .. ياخي ماحد داري عنك إنت بتشتغل اساسا!"  
أو في مواطن عادي ولكنه متفلسف يقول " كلو فساد في فساد .. لا تحاول تغير !! "
أو في كاتب صحفي سمع عن مشروع تنموي فيكتب " يبدوا أن المشروع حاصل على ميزانية عالية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مالدوافع الحقيقية وراء هذا المشروع، إن صاحبه يريد الشهرة وتاريخه يشهد بـ ........ !!"  
إعلامنا العربي بشكل عام أكبر دافع وحفز إلى السلبية، إنه يسقط على قذارات البشر ومشكلات تظهر بصورة بسيطة، ويأخذها ويعرضها في فلم أو مسلسل أو تحقيق أو برنامج، يعرضون هذه السلبيات مجرد عرض سخيف ومقزز، يدّعون معالجة القضايا، وهم يعملون على نشرها بعد أن كانت في حكم المجهول !  
إن هذا الحجم الكبير من السلبية التي يتم نشرها بين الناس هي الدافع الأول لهم نحو الانحطاط والتدهور حاملين شعار " الدنيا صارت بشعة .. مافي فايدة من شئ!"  


أضاقت الأرض بما رحبت بالإيجابيات؟ المبشرات؟ الخيرات؟ 
لا شئ سوى السواد؟؟ من الذي يتجاهل بصمة الشمس على الأوجه الاخرى للأشياء؟؟


لست ضدّ دراسة المشكلات بطريقة علمية ممنهجة وإيجاد الحلول ونشرها بين الناس، على النقيض تماماً، هذه الدراسات المدعومة بحلول واقعية وعقلانية من متخصصين تدعم حركة التنمية بصورة كبيرة، مثلا موضوع البطالة، نُرحب بمكن يقوم بدراسة جذور الظاهرة ومسبباتها دراسة عميقة، ثم يجتمع بمجموعة من المتخصصين والشباب لايجاد الحلول المناسبة، إن طرح المشكلة مع حلّها مدعاة إلى الأمل والتفاؤل، وتلك الفئة التي تنتهج هذا النهج تُذكرني بدودة القزّ، إنها لا تتغذى إلى على الطيبات مثل ورق التوت وورق البرتقال وورق الخس، ثم تنتج للناس أجود أنواع الأنسجة وأجملهم على الإطلاق " الحرير " الذي يتغنى به الفقير قبل الغني.  


دودة القزّ راقية .. عاملة .. منتجة .. محببة. 
الذبابة قذرة .. متطفلة .. لا يأتي منها خير .. مقززة  .. كل من يراها يتمنى ضربها بمضرب أو حذاء.  


أعتقد بأن الدور المطلوب منا الآن وفي هذه الحقبة من الزمن ونحن نقف على أعتاب النهضة إما أن نحققها أو نتراجع عنها هو نفس الدور الذي تقوم به دودة القزّ، أن نُغذي عقولنا وجوارحنا بأرقى المواد واسماها، ليُترجم السلوك هذا الرقّي بإيجابية تفوق الحرير جمالاً وبهاءً. 
وأن نغلق أبوابنا ونوافذنا في وجه الذباب، ونحمل المضارب لنطرق رؤسهم إن أضطر الأمر !